علاقة العمل الفردية: دليل شامل للمفاهيم والشروط والأنواع
وصف تعريفي: تعمق في فهم علاقة العمل الفردية في القانون الجزائري، من خلال استكشاف مفهوم عقد العمل وعناصره وشروطه وأنواعه، بالإضافة إلى مراحل انعقاد علاقة العمل والأنظمة الخاصة بها. هذا المقال هو دليل شامل لفهم العلاقة بين العامل والمستخدم.
مرحبًا بكم في هذا المقال الذي سيتناول علاقة العمل الفردية بالتفصيل. سنتعرف في هذا الدرس على مفهوم عقد العمل وعناصره الأساسية، بالإضافة إلى شروط صحة هذا العقد وأنواعه المختلفة. كما سنستكشف مراحل انعقاد علاقة العمل والأنظمة الخاصة التي تحكمها. سواء كنت طالبًا أو موظفًا أو مهتمًا بعلاقات العمل، فإن هذا المقال سيقدم لك فهمًا شاملاً لهذا الموضوع المهم.
I- عقد العمل
1- تعريف عقد العمل
الكلمات المفتاحية: تعريف عقد العمل، عناصر عقد العمل، شروط صحة عقد العمل، أنواع عقود العمل
يعرف عقد العمل بأنه عقد يلتزم بموجبه صاحب العمل بدفع أجرة للعامل مقابل العمل الذي يقوم به تحت إشرافه وتوجيهه.
تتسري على هذا النوع من العقود التزامات متبادلة بين الطرفين فبمقتضاه يجب على المؤجر القيام بالعمل الذي وظف من أجله وعلى المستخدم تسليم العمل ودفع الأجر المناسب للعمل الذي أنجز.
إن عقد العمل كجميع العقود يعتبر باطلا إذا كان مضمونه مخالفا للأخلاق والنظام العام. فمن جهة أخرى للمتعاقدين حرية اختيار الشكل المناسب لهم.
لا يمكن في أي حال من الأحوال أن يتضمن عقد العمل نصوص أقل نفعا من النصوص القانونية وإتفاقات العمل الجماعية القابلة للتطبيق في فرع نشاط المؤسسة.
كقاعدة عامة، يجب أن يذكر في عقد العمل اسم ولقب الطرفين، مكان العمل، نوع العمل المتفق عليه، لا يمكن أن يكون أجره أقل من الحد الأدنى المعمول به ومن الممكن إجراء امتحان للعامل لمدة معينة قبل التشغيل، ذلك يتيح لصاحب العمل فرصة إختبار قدراته بحيث تكون هذه المدة غير محددة فهي متغيرة حسب نوع عقد العمل وحسب قدرات العامل المهنية.
2- عناصر عقد العمل
الكلمات المفتاحية: عناصر عقد العمل، العمل، الأجر، التبعية، المدة
نستخلص من التعريف السابق لعقد العمل أنه يتشكل من اجتماع ثلاث عناصر تمثل جوهر العقد، ويمكن حصر هذه العناصر في ما يلي:
- عنصر العمل: يتمثل العمل في الجهد المبذول بدنيًا كان أم فكريًا من قبل العامل لمصلحة رب العمل مجيبًا لتوجيهات هذا الأخير وأهدافه، كما أن هذا العنصر يختلف عن عنصر العمل الذي قد تتضمنه بعض العقود المشابهة بالنظر لما يميزه في عقد العمل.
- عنصر الأجر: وهو المقابل المالي لالتزام العامل ببذل الجهد، وهو القيمة المالية التي يلتزم صاحب العمل بتقديمها للعامل بمقتضى العقد. ويتضمن الأجر جزئين، أحدهما ثابت ويسمى أجر المنصب أو الأجر القاعدي، والآخر متغير يتضمن المبالغ المدفوعة للعامل في شكل منح وتعويضات، ويحدد الأجر بالتفاوض الفردي فيما بين العامل ورب العمل، أو من خلال التفاوض الجماعي، حيث يقرر في هذه الحالة بمقتضى الاتفاقية الجماعية التي تتبعها المؤسسة المستخدمة.
- عنصر التبعية: يقصد بها سلطة رب العمل في الإشراف على العامل، وتوجيه الأوامر باعتبارها مظهرًا من مظاهر السلطة الممنوحة قانونًا لرب العمل في إطار علاقة العمل، وهي سلطة الإشراف والإدارة والرقابة التي يخضع لها العامل باعتبارها إحدى الحقوق الأساسية التي يتمتع بها صاحب العمل ويلزم العامل بالامتثال لها.
- عنصر المدة: هي تلك الفترة الزمنية التي يضع خلالها العامل جهده ونشاطه في خدمة المستخدم وتحدد في إطار عقد العمل بحرية بين الطرفين المتعاقدين من حيث المبدأ مع مراعاة أحكام النصوص القانونية والتنظيمية، حيث تنص المادة 11 من قانون العمل " يعتبر العقد مبرمًا لمدة محددة إلا إذا نص على ذلك كتابة وفي حالة انعدام عقد عمل مكتوب، يفترض أن تكون علاقة العمل قائمة لمدة غير محددة ".
3- شروط صحة عقد العمل
تتمثل شروط صحة عقد العمل خصوصا في الشروط العامة المستوجبة لصحة العقود عموما، ويشترط لصحة عقد العمل أربعة شروط موضوعية هي:
- الرضا: ويعني في إطار علاقة العمل الاتفاق بحرية حول المسائل الجوهرية للعقد المجسدة في عنصر العمل والأجر ويتم التعبير عن الرضا إما بالشكل الصريح كالكتابة أو اللفظ الدال على الموافقة، أو بالشكل الضمني مثل السكوت والشروع في تنفيذ العمل.
- الأهلية: تعرف الأهلية بأنها صلاحية الشخص لأن تكون له حقوق وصلاحية لاستعمالها ومن ثم يجب أن تتوفر أهلية الأداء الكاملة في العامل حتى يتمكن من القيام بكافة الأعمال والتصرفات القانونية. ونميز في ذلك بين أهلية العامل ثم أهلية رب العمل.
- المحل: يتمثل بالنسبة للعامل في نوع العمل الملتزم بتقديمه لصاحب العمل أما بالنسبة لصاحب العمل فيتمثل في الأجر الذي يقدمه للعامل مقابل ما يحصل عليه من عمل.
- السبب: يشترط أن يكون مشروعا وغير مخالف للنظام العام والآداب العامة.
4- أنواع عقود العمل
الكلمات المفتاحية: أنواع عقود العمل، عقد العمل محدد المدة، عقد العمل غير محدد المدة، عقد العمل بالتوقيت الجزئي، عقد العمل الخاص بمسير المؤسسة
تقسم عقود العمل إلى نوعين هما: عقد العمل محدد المدة و عقد العمل غير محدد المدة.
1.4- عقد العمل محدد المدة:
يقصد به انعقاد علاقة العمل لمدة محددة، ويعتبر من نوع العقود القابلة للتمديد. ويعني أن يتم عقد العمل حسب الأشكال التي تتفق عليها الأطراف المتعاقدة، وأن يتضمن مدة العقد وشروط العمل والأجر بحيث يكون متفق عليها مسبقًا.
و نصت المادة 12 من قانون علاقات العمل 90-11 على الحالات التي يلجأ فيها المستخدم إلى إبرام عقود العمل المحددة المدة كالتالي:
- عندما يوظف العامل لتنفيذ عمل مرتبط بعقود أشغال وخدمات غير متجددة؛
- عندما يتعلق الأمر باستخلاف عامل مثبت في منصب تغيب عنه مؤقتًا؛
- حالات إجراء أشغال دورية ذات طابع متقطع؛
- حالات تزايد العمل أو أسباب موسمية؛
- حالات نشاطات أو أشغال ذات مدة محددة أو مؤقتة بحكم طبيعتها.
2.4- عقد العمل غير محدد المدة:
يقصد به انعقاد علاقة العمل لمدة غير محددة، ويعتبر هذا النوع من العقود هو الأصل في علاقات العمل. حيث نصت المادة 11 من قانون علاقات العمل 90-11 على أنه: " يعتبر العقد مبرما لمدة غير محددة إلا إذا نص على غير ذلك كتابة وفي حالة انعدام عقد عمل مكتوب، يفترض أن تكون علاقة العمل قائمة لمدة غير محددة ".
و من بين العقود محددة المدة نميز نوعين:
- عقد العمل بالتوقيت الجزئي: وهو كل عمل تقل مدته عن مدة العمل القانونية للعمل، ويمكن لصاحب العمل توظيف عمال بالتوقيت الجزئي عن طريق إبرام عقد عمل بالتوقيت الجزئي بصفة كتابية في حالة نقص حجم العمل.
- عقد العمل الخاص بمسير المؤسسة: وهو عقد عمل يتم من خلاله تحديد الأجر والتعويضات، المنافع العينية، وسلطات المسير الأجير الرئيسي ومدة مرجعية العقد وأهداف النتائج والالتزام بها.
II- انعقاد علاقة العمل (مراحل التوظيف)
الكلمات المفتاحية: مراحل التوظيف، مرحلة التجريب، فترة الترسيم، التكوين المهني
إن من بين ما يميز عقد العمل عن غيره من العقود المدنية الأخرى هو انعقاده على مرحلتين: التجريب ثم الترسيم.
1- مرحلة التجريب :
تعتبر مرحلة تمهيدية قبل ترسيم العامل في منصب عمله، إذ تسمح بأن يوضع خلالها العامل الجديد محل اختبار قصد التأكد من كفاءته واستعداده للقيام بالعمل الموكل إليه، وقد نصت المادة 18 من قانون 11/90 على هذه المرحلة بالنص على إمكانية إخضاع العامل لفترة تجريب لا يجب أن تزيد عن ستة (06) أشهر. خلال مرحلة التجريب يتمتع العامل بنفس الحقوق والواجبات التي يتمتع بها العمال المثبتون في مناصب مماثلة، وتؤخذ هذه المدة بعين الاعتبار في حساب الأقدمية بالمؤسسة عندما يتم ترسيمه. وتسمح فترة التجريب للعامل بالاطلاع على ظروف العمل، ومدى ملائمة المهام الموكلة لمؤهلاته واستعداداته. ويحق لأي من الطرفين، وخلال هذه المدة، التحلل من العقد دون أن تترتب على ذلك أية مسؤولية.
2- فترة الترسيم :
وهي الفترة التي تعقب الفترة التجريبية حيث يتم تثبيت العامل في منصب عمله بعد ثبوت قدرته على إنجاز الأعمال التي انيطت به بالكفاءة المطلوبة. ويصبح عقد العمل نهائيًا، بما يمكن العامل من التمتع بكل الحقوق والواجبات التي منع منها خلال الفترة التجريبية المرتبطة بالترسم، كعدم إمكان فصل العامل إلا وفق إجراءات خاصة، والحق في الترقية.
III- الأنظمة الخاصة بعلاقات العمل
الكلمات المفتاحية: أنظمة علاقات العمل، العمل في المنزل، العمال الأجانب
1- العمل في المنزل:
يتم تنظيم علاقات العمل في المنزل بموجب المرسوم التنفيذي رقم 97-474 الذي يحدد النظام الخاص بعلاقات العمل التي تعني العمال في المنزل.
1.1 - تعريف العمل في المنزل
العمل في المنزل هو تلك العلاقة التي تربط بين صاحب العمل وبين عامل يمارس في منزله نشاطاً قد يتمثل في إنتاج سلع أو تقديم خدمات مقابل أجر ودون رقابة مباشرة من صاحب العمل.
2.1 - تعريف العامل في المنزل
يعتبر عاملا في المنزل كل عامل يمارس في منزله نشاطات إنتاج سلع أو خدمات أو أشغال تغييرية لصالح مستخدم واحد أو أكثر مقابل أجرة، ويقوم وحده بهذه النشاطات أو بمساعدة أعضاء من عائلته باستثناء أية عاملة مأجورة ويتحصل بنفسه على كل أو بعض المواد الأولية وأدوات العمل أو يستلمها من المستخدم دون أي وسيط.
3.1- تعريف المستخدم في المنزل
يعتبر مستخدما في المنزل كل شخص طبيعي أو معنوي، عام أو خاص يمارس نشاطا صناعيا أو تجاريا أو حرفيا ويشغل عاملا أو أكثر في المنزل".
4.1- حقوق والتزامات العامل:
- حقوق العامل: الأجر: يحسب راتب العامل في المنزل على أساس مقاييس الأجر المعمول بها في المهن المماثلة، التعويض عن العطلة المدفوعة الأجر يستفيد العامل في المنزل من الحق في التعويض عن العطلة المدفوعة الأجر يعادل مبلغه يومي (02) عمل في الشهر، والضمان الاجتماعي: يستفيد العمال في المنازل من خدمات التأمينات الاجتماعية والضمان الاجتماعي مثل: الخدمات الاجتماعية، التأمين على المرض .. إلخ.
- التزامات العامل: الالتزام بالامتثال لأوامر المستخدم عند تنفيذ العمل والالتزام بعدم المنافسة.
2- العمال الأجانب :
الكلمات المفتاحية: العمال الأجانب، رخصة العمل، قانون العمل، إجراءات توظيف العمال الأجانب
1.2- تعريف :
يمكن للمستخدم أن يوظف العمال الأجانب عندما لا توجد يد عاملة وطنية مؤهلة وذلك حسب الشروط المحددة في التشريع والتنظيم المعمول به.
2.2- شروط توظيف العمال الأجانب:
- رخصة العمل: لا يسمح للعامل الأجنبي بالعمل إلا بعد الحصول على رخصة تقدمها له سلطات مختصة في البلاد، حيث نصت المادة 2 من قانون 81-10 " يجب على كل أجنبي مقبل على ممارسة نشاط مدفوع الأجر بالجزائر أن يكون حائزا على رخصة للعمل المؤقت تسلمها المصالح المختصة التابعة للسلطة المكلفة بالعمل "
- مدة العمل: في ما يخص مدة الرخصة، نصت المادة 2 من قانون 81-10 " لا يمكن أن تتجاوز مدة رخصة العمل سنتين ويتم تجديد هذه الرخصة ".
- تقرير صاحب العمل: يجب على صاحب العمل أن يرفق طلب رخصة العمل بتقرير، حيث نصت المادة 2 من المرسوم رقم 28-510 الذي يحدد كيفيات منح جواز أو رخصة العمل المؤقت للعمال الأجانب أن تكون التقارير المرفقة بطلب الحصول على رخصة العمل تتضمن: إسم الهيئة المستخدمة وعنوانها الاجتماعي، متطلبات منصب العمل المطلوب شغله ووصف المهام المطلوب القيام بها ونوع الأشغال الواجب إنجازها، الأسباب التي تبرر استخدام عامل أجنبي، لا سيما الأسباب المتعلقة بمؤهلاته أو كفاءته المهنية.
في الختام، نأمل أن يكون هذا المقال قد قدم لكم فهمًا شاملاً لعلاقة العمل الفردية في القانون الجزائري. لا تترددوا في طرح أي أسئلة أو استفسارات في التعليقات، وسنكون سعداء بالإجابة عليها.